الثور في الفن المبكر

التفاعلات مع الحيوانات في العالم القديم نشاهدها في بعض الصور والتي تظهر بأشكال تتراوح بين الفخار الملون والمنحوتات الطينية إلى المنحوتات الحجرية والقطع التي تشكلت من المعادن الثمينة كانت تصور مفاهيم الألوهية و الملكية وخصوبة العالم الطبيعي في كثير من الأحيان هذه التركيبات التي تصورالحيوانات قد زينت معدات المعبد والطقوس والأعياد الاحتفالية والهدايا النذرية نشاهد ان الحرفيون قد خلقوا صور رائعة للحيوانات تتصرف مثل البشر و كان السومريين الذين يرسمون الوجوه البشرية ببساطة بل بفظاعة خبراء في تصوير وجوه الحيوانات وهذا ما نشاهده في عدة قطع فنية حتى اننا في بعض الاختام نستطيع تميز نوع الحيوان عن باقي البشرمثلا في هذا الختم من أور من الطبقة (SIS 4-5) أي الطبقة المباشرة تحت المقبرة الملكية  
يصور الختم مأدبة تقوم بها مجموعة حيوانات حيث يظهر أسد في دورالملك يمسك كأس جالس على كرسي ارجله اقدام الثورالحيوانات امامه هم حاشيتة ثلاث حمير بقيادة ماعز كلهم يقفون على ارجلهم الخلفية الماعز والحمار الاول يمسكان مزهرية وجرة الاخريين احدهما يعزف بقيثارة والاخر بالصنج الحيوانات الصغيرة التي بين الماعز والحمير قرد وابن أوى خلف العازفين أسد بدور جزار يقطع رقبة غزال وحمار يمسك عصا او انه من ضمن الموسقيين يمسك ناي او غيره فوق الملك ربما نسر وفي الرف جرار ومادة بيضاوية ربما خبزفي المنتصف اعلى الملك جدي  يقفز 
ختم اخر من الطبقة (SIS 4)
الختم يصور طقوس تقديم نرى باب ضريح يعلوه الطائر السومري إميدوكد امام الباب شبه مظلة يقف تحتها الملك الراعي المعروف من غطاء الرأس يديه مشدودة مع مرفقيه في زاوية حادة يرتدي تنورة عند قدمه اعشاب والماعزرمزا لنشاطه كحامي القطعان نرى المزيد من  الحملان الرابض في الميدان فوق المصلين انام الملك الراعي  كاهن عارية تماما يؤدي اراقة الخمر خلفه امرأتان تقدمان عروضا سائلة في عبوات من مختلف الأنواع والأحجام تحتوي على الحليب والزيت والبيرة على الأرجح يمكن تميهما فقط من الشعر الطويل والرداء الذي يصل الى إلى القدمين.
لو بحثنا في أختام الفترات المبكرة  نجد معظم هذه الانطباعات تتكون من صور مختلفة من الحيوانات البرية والحيوانات الأليفة و قتال الأسود والكلاب والماعز البرية والماشية الكبيرة والحميرالمثير للاهتمام نجد أختام صورت الثور في صراعات مع حيوانات أخرى المعارك بين الثيران والأسود هي ذات أهمية خاصة تم تصويرها في أغلب الأحيان على الأختام الاسطوانة مشاهد الصراع يمكن تفسرها بانها الصراع بين الحيوانات المستأنسة والبرية وتزامن ظهورهذه المشاهد مع فترة التحضر المبكر في أواخر الألفية الرابعة ومن الممكن أن تمثل الحيوانات البرية قوى الطبيعة وأن الحيوانات المستأنسة تمثل الشعوب المتحضرة وبما أن الحيوانات المستأنسة أصبحت ذات أهمية متزايدة للإنسان وبقائه على قيد الحياة فإن فقدان هذه السلعة الحيوية قد يصبح أكثر فأكثر مدمراوبالتالي فإن الصراعات ستعكس الانشغال بالنضال من أجل الحياة .
كان لتصوير الثور حضور مميز في القطع الفنية من الفترات المبكرة الثيران التي تصور في الفن القديم عموما لا تمثل الماشية المحلية الحديثة على الرغم من أن هذا الانوع كانت موجودا في الفن المبكر ظهر ثلاث انواع من الثيران 
* البيسون الأوروبي
*جاموس الماء
*ثور الارخص -الثور البدائي
ترتبط فكرة الثور في العالم القديم خاصة مع ثور الارخص ويعتبر هو الجد من الماشية الحديثة وكان مستقيم الظهر وقرونه طويلة هذا الثور يمكن أن يزن أكثر من طن
الان فمن السهل أن نفهم لماذا "رمزية الثور ترتبط مع الذكور والفحولة و القوة والثروة" وهناك من العلماء من يعتقد أن الثور أصبح "رمزا للكل القوى وكل الخصوبة باختصار إله" قد ذهب البعض إلى ادعاء ان شعب ما قبل الفخاراسمه  "شعب الثور"لايجاد مبررلعبادة الثوراليهودية في العصور التاريخية السابقة بهذه الطريقة  صور الثور منذ فترة طويلة ليكون محور العقيدة والعبادة.
لا شك في أن انتشار صور الثور والرمزية في الفكر القديم  لا يعني بالضرورة أن هناك عبادة للثور في بلاد  النهرين في وقت مبكر من الألفية السادسة "لا توجد أدلة مقنعة على  عبادة الثور " كانت هناك أشياء ثقافية في شكل الثور وكانت الثيران تشارك في أنشطة الطقوس ولكن هذا لا يعني أن الثور نفسه كان محور العبادة لا يمكن أن يكون هناك شك في أن الثيران ارتبطت مع الإلهية في بعض الأحيان كان الثور بمثابة مظهر من مظاهر الإله أو يرافق الإله لكن لم يكون الآله الذي يعبد
في الواقع في بلاد  النهرين وفي العصر البابلي القديم كانت الماشية تعتبر جزءا من وحدة الأسرة وأعطيت أسماء مثل أي فرد آخر من أفراد العائلة من الواضح أن هذه الحيوانات محبوبة ومحترمة ولكن من الصعب أن نصدق أن مثل هذه الألفة من شأنها أن تثير مشاعر الرهبة والتبجيل لتصل الى العبادة ومع ذلك فإن الآلهة في العالم القديم لم تكن عادة تظهرمع ميزات الحيوان أحيانا ظهرت الآلهة مع أجنحة وغيرها من العناصر الشبيهة بالطيورولكنها تظل إنسانية معترف بها وهكذا فإن تصوير الثور سيكون مفهوما للإشارة مثلا الى وجود اله العاصفة بسبب التشابه بين دمدمة الرعد و خوار الثور.
الثور في الفن المبكر
من بين القطع الأثرية الأكثر شهرة من بلاد النهرين في وقت الاسرات مبكرة هي الالات الموسيقية المزينة  برأس الثور لكن هي ليست الأمثلة الوحيدة على الرغم من أنه لم يتم اكتشاف أي قيثارة ثور بالكامل في المقابر الملكية وفي مواقع اخرى وجد أربعة رؤوس ثيران من فترة الاسرات المبكرة هي:
* راس الثور في متحف برلين هو من مصدر غير معروف ومصنوع من سبائك النحاس والعظام بفتقد عين واحدة وكل ما تبقى من الآخرى هو ترصيع العظام البيضاء
*اثنان من جنوب معبد نينكرسو في جيرسو الاول في متحف اللوفر والثاني في متحف الشرق القديم /اسطنبول مصنوعة من النحاس رأس الثور في متحف اللوفر لا يزال يحتوي على كلتا العينين مصنوعة من الصدف و اللازورد مكسور جزء من احد القرنين اما رأس الثور في اسطنبول يفتقد العين وتلف أذن واحدة قرن واحد.
رأس الثور من متحف اللوفر
*رأس ثور من معبد سين في خفاجي مصنوع من النحاس العينين مطعمة بالصدف واللازورد وكان هناك ترصيع ثلاثي من اللؤلؤ على جبينه وهو أكثر تجريدا وأقل واقعية في التصميم ومشابة الى ما اكتشف في أور.
تخلف هذه الرؤوس من حيث ما تحوي على الجبين نلاحظ ان الرأس من خفاجي يحوي ترصيع مثلث اما رأس الثور في اللوفر يحوي نص ورؤوس الثيران من برلين وتركيا  تفتقر إلى أي نص أو ترصيع .
الرأس من متحف اللوفر فريد من نوعة والنص عليه التفاني لنينكرسو الإله الراعي لجيرسو النص يذكر "لوغالسي رئيس كهنة الرثاء في أوروك" يكشف النص أيضا أن رأس الثور شكل جزءا من آلة موسيقية و اقترح أن تكون رؤوس الثيران هذه منتجة بكثرة ويترتب على ذلك أنها كانت ستحقق نفس الوظيفة.
*رأس الثورالخامس مصنوع من البرونز مع عيون مرصعة بالصدف واللازورد من المقبرة الملكية في أور القبر/PG 1332 محفوظ متحف جامعة بنسلفانيا هذا الرأس لديه صف من تجعيد الشعر على رأس  ترصيع مثلث من اللازورد على الجبين


يعتقد ان هذا الرأس مركب على نسخة أصغر بكثير من القيثارة الكبرى العظمى و كانت مماثلة في الحجم للقبثارات التي تظهر يد الموسقي على راية أور...
في الغالب ليس كل رؤوس الثيران من فترة الاسرات المبكرة كان توضع على القيثارات فيوجد ما نوع من تراكيب المعبد كما في رأس الثور من معبد إشتارات في ماري المحفوظ في متحف دمشق الوطني 
رأس الثور من  ماري
الراس منحوتة من قطعة واحدة من الديوريت مع عيون مرصعة بالصدف وترصيع المثلث على الجبين وينقسم الرأس والرقبة من بقية الحجر الذي يشكل إسفين 
رأس ثور معبد تل العبيد
معبد تل العبيد هو معبد نينهرساك الالهة الام للسومريين المعبد بناه الملك إ-أنيبادا من الأسرة الأولى في أور واجهة هذا المعبد تحتوي على أفاريز النحاس التي تصور الثيران
رؤوس الثيران متآكلة جدا وبالتالي يتم حجب التفاصيل لكن شكل الهلال لا يزال مرئيا على الجبهة

المثلث على رأس الثور من خفاجي يدل على الطبيعة المقدسة للحيوان والكائن الذي تم ربط رأس الثور له وبالتالي يمكن أن يحدد هذا الكائن على أنه قد أهدى إلى آله فرضية التي يمكن أن تدعمها أنه تم حفرها في المعبد المثلث على رأس الثور خفاجي يفي بنفس وظيفة النص على رأس الثورفي متحف اللوفر
ربما كان رأس الثورمن خفاجي قد زين قيثارة وبالتالي فهو يشبه رأس الثورمن اللوفر بكل المعنى والغرض ويفترض إذا كان رؤس الثيران من برلين وتركيا قد تم إرفاقها أيضا إلى أداة مكرسة الى إله فإنها أيضا سوف تحمل مثل هذه العلامة اما رؤس الثيران من المقبرة الملكية في أور وجدت في السياق الجنائزي ومن المرجح أن تكون رؤوس الثيران في برلين وتركيا مرتبطة بمهام المقبرة الملكية وأنهما لتزين الآلات الموسيقية التي تهدف إلى استخدام البشر والتمتع بها في حين أن رؤساء الثيران الأربعة تتشابه تقريبا في المظهر.
على العديد من الأعمال الفنية السومرية تظهر علامة المثلث على رأس مثلا رأس الماعز النحاس من مدينة شوروباك
تمثال ماعزمختلف 

تظهر علامة المثلث على رأس الثور وكما نرى على العديد من الأعمال الفنية السومرية
معنى الرمز غير معروف وقد اقترح أن المثلث يرمز إلى الألوهية لأن العلامة غالبا ما تظهر على التماثيل الحيوانية ووجدت في مواقع المعابد والمقابرولكن ربما يعني أن الحيوان هو مقدس بدلا من كونه إله حقيقية أن السومريين لم يعبدوا الآلهة الحيوانية أود أن أقترح المثلث يعني الحيوان المقصود للتضحية وعادة ما كانت حيوانات التضحية تزين أو يتم تتويجها  كما يظهر على راية أور في موكب النصر

هذه الزينة غالبا ما تضمنت زخرفة لرأس الحيوان
امثله أخرى من رأس الثور:
رأس ثورنحاس من المقبرة الملكية في أور يعود لفترة أور الثانية من القبر PG 1850/1851في متحف جامعة بنسلفانيا
رأس ثور من النحاس من فترة أور الثانية 
في الاصل وجد خمسة امثلو من هذا الرأس مصبوبة من النحاس وتحوي على  دبوس يمر من خلال الرقبة لتعلق على كائن خشبي الرؤوس تتشابه بشكل ولكن تختلف في الحجم وقليلا في التنفيذ هي مشابه لنمط العبيد .
رأس ثور من المرمر مجهول المصدر في متحف بغداد الوطني
يعود تاريخه إلى أواخر فترة الأسرات المبكرة نمط الرأس واقعي الوجه والأذنين ووالقرون منحوتة من قطعة واحدة هذا الرأس الثور ليس لايحوي ثقوب لتعليق بنما رؤوس الثيران من المقبرة الملكية في أور لم يكن لديها ثقوب للتعلق  وبالتالي فإن رأس الثور المرمر يمكن أن ربط إلى السطح  مصنوعة من المرمربواسطة القار لكن هو أثقل من رؤوس الثيران مصنوعة من المعادن الثمينة لذا لم يعلق على آلة موسيقية من الأرجح أنه زينه للمعبد على الرغم من أنه لا يمكن إثبات ذلك أبدا لأن مصدره وسياقه غير معروفين.
هناك العديد من الامثلة على رؤوس الثيران من الفترة المبكرة نكتفي بهذه القطع الرائعة

  ناصرالعراقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق